تفشي مرض الحمى القلاعية في لبنان

تعرب شبكة القطاع الخاص اللبناني، بصفتها منصة مستقلة للمناصرة والمساءلة تمثل مصالح القطاع الخاص النظامي الشرعي والمنتج، عن بالغ قلقها إزاء انتشار مرض الحمى القلاعية بين قطعان (Foot and Mouth Disease – FMD) الماشية في عدد من المناطق اللبنانية.

وبعيدًا عن الأثر المباشر على صحة الحيوانات، فإن هذا التفشي يثير تساؤلات خطيرة حول المنهجية المعتمدة في الوقاية والتنظيم والرقابة، والتي يبدو أنها فشلت في تدارك الوضع بحيث بات تفشي المرض يهدد بشكل مباشر الأمن الغذائي الوطني، وتوافر أحد مصادر البروتينات الأساسية، وسبل عيش المزارعين، واستمرارية الاقتصاد الزراعي النظامي الشرعي بالشق المتعلق بالثروة الحيوانية.

أزمة كان يمكن تفاديها: فما الذي حصل؟

يُعدّ مرض الحمى القلاعية من أكثر الأمراض الحيوانية العابرة للحدود شهرةً، ورصدًا، وقابليةً للوقاية على مستوى العالم. كما أن مخاطره، وآليات انتقاله، وبروتوكولات السيطرة عليه موثّقة على نطاق واسع ومعتمدة دوليًا.

: وعليه، فإن الوضع الراهن يفرض طرح أسئلة جوهرية تستوجب إجابات واضحة وعلنية، أبرزها

هل فُرضت حظورات أو قيود على استيراد المواشي من الدول التي تشهد تفشيًا لمرض الحمى القلاعية؟ -

هل كانت تقييمات المخاطر والبيانات والتنبيهات متوافرة لدى الجهات المعنية، وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم يتم التحرك بناءً عليها؟ -

هل طُبّقت بروتوكولات التفتيش، والحجر الصحي، وشهادات السلامة بشكل متّسق وفعّال على الحدود ونقاط الدخول؟ -

هل كان هناك تهريب، أو ضعف في ضبط الحدود، أو فشل في تطبيق القوانين والأنظمة؟ -

هل سيتم فتح تحقيق جدي وشفاف لتحديد المسؤوليات واستخلاص العبر؟ -

 في جدوى وجود انظمة لا يتم تطبيقها

في حال كانت الأنظمة المتعلقة بصحة الحيوانات، والاستيراد، والسلامة الحيوية اللازمة موجودة وإنما لم يتم تطبيقها، فإن ذلك يشكّل فشلًا في الحوكمة، ولا يمكن عدّ ذلك على أساس أنه تقصير من قبل المزارعين أو المنتجين

أما إذا كانت هذه الأنظمة غير موجودة، أو لا تفي الغرض، فهذا يستوجب تحديثا عاجلً. للنصوص

وفي كلتا الحالتين، بات القطاع الخاص النظامي الشرعي يتحمل أعباء تقصير الدولة، في حين أن الممارسات غير النظامية الشرعية وغير القانونية ما زالت دون محاسبة. وهذا ما يقوّض المنافسة العادلة ويضعف الاقتصاد المنتج الذي تسعى مجموعتنا إلى دعمه

الخطر الكامن في عدم التحسب والمراقبة

رصدنا   خطابا معمما يقلّل من خطورة مرض الحمى القلاعية، أو يجيز استخدام أو استهلاك اللحوم ومشتقات الألبان الناتجة عن حيوانات مصابة. هذا الأمر يثير قلقنا البالغ

فعلى الرغم من أن هذا المرض لا يُعدّ في الأساس خطرًا مباشرًا على صحة الإنسان، إلا أن المعايير الدولية تبقى واضحة: إن الخطر الحقيقي يكمن في تسارع انتشار الفيروس عبر سلاسل النقل، والذبح، وجمع الحليب، والأسواق غير النظامية الشرعية

إن الخطاب التطميني أو المتساهل في غياب إجراءات احتواء صارمة:

يضعف الالتزام بإجراءات السلامة الحيوية -

يشجّع الممارسات غير النظامية الشرعية -

يسرّع انتشار المرض -

ويقوّض ثقة الرأي العام والشركاء الدوليين بمنظومة الحوكمة الغذائية في لبنان

المواشي المستوردة، الحدود، والمنافسة العادلة

يكشف هذا التفشي أيضًا عن ثغرات مزمنة تتعلق باستيراد المواشي وضبط الحدود

 :كذلك، لا تزال أسئلة أساسية بلا جواب شافي ومنها

هل خضعت المواشي المستوردة لشهادات السلامة والفحوصات والحجر الصحي المطلوبة؟ -

هل جرى ضبط ومراقبة المعابر غير الشرعية أو غير النظامية؟ -

كيف يتم فرض الامتثال لحماية المزارعين اللبنانيين العاملين ضمن الاقتصاد النظامي الشرعي وضمان تكافؤ الفرص؟ -

المزارعون يدفعون ثمن الخلل في المراقبة والتحسب

يتكبد مربّو المواشي اليوم خسائر لم تنتج عن كارثة طبيعية، بل عن فشل مؤسسي في الوقاية والإدارة

وفي غياب بروتوكولات واضحة، ولقاحات متوافرة في الوقت المناسب، وآليات تعويض، وإرشاد تقني فعّال، يجد المزارعون الملتزمون أنفسهم أمام خيار قاسٍ: إمّا تحمّل الخسائر وحدهم، أو أن يقذفوا خارج الدورة الإنتاجية النظامية الشرعية بالكامل، ما يزيد من هشاشة سلاسل الإمداد الغذائي لصالح لاعبي الاقتصاد غير النظامي الشرعي

في المساءلة، الشفافية، وتصحيح المسار

إن تفشي هذا المرض والارتباك الواضح في المعالجة يتطلب أكثر من ابتكار الحلول طارئة - إنه يتطلب مساءلة واضحة

:لذلك، تدعو شبكة القطاع الخاص اللبناني إلى

تحديد الثغرات التنظيمية والتنفيذية والبياناتية -

واتخاذ إجراءات تصحيحية فورية -

وضع استراتيجية متكاملة تتضمن بروتوكولات من شأنها الحؤول دون تكرار ما حصل -

كما تطلب الشبكة توضيحًا تحقيقًا رسميًا وشفافًا حول ملابسات هذه القضية على أن تنشر نتائجه

وإذ تدرك شبكتنا محدودية الامكانات المتوفرة لدى وزارة الزراعة تفيدكم برغبتها في التعاون البنّاء مع وزارتكم من أجل معالجة الثغرات على مستوى الأنظمة الوقائية والبروتوكولات وتضع طاقاتها تحت تصرفكم من أجل حماية الأمن الغذائي وتوطيد الاقتصاد النظامي الشرعي

Next
Next

شبكة القطاع الخاص اللبناني ترفض بشكلٍ قاطع كل محاولات الضغط على مصرف لبنان